بسم الله الرحمن الرحيم
[align=justify]تتجاذبه عوامل القهر والجوع والكبر والحرمان، فيتراءى للناظر جعبةٌ من الحكايات والحكايات تكتنف عينيه الواهنتين تحت سياط السنين، وتعلو جبينه قسمات ملؤها التفاصيل التي سطرتْ مداد الأيام.
في الآونة الأخيرة، كان يشغلني أمره كثيرًا، وكنتُ أعاود المجيء بين الفينة والأخرى إلى الزاوية التي يتربع عليها عند زمرة القصَّابين وبائعي السمك. كانت تحضرني همسات أمي وهي تحثني على النأي عن زاويته، وأصرف بصري عنه كلما مررتُ من هناك. كانت ماتني توبخي إذا ما عثرتْ عليّ واقفاً إزاءه ممعناً النظر فيه. ما تزال همساتها حاضرة في ذهني وهي تضغط على مخارج كلماتها: "هذا مجنون".
لا أذكر متى حدث ذلك!! كان الوقت قد شارف الضحى، وآوى جميع من على الزاوية إلى منازلهم، بعد أن تكبَّدوا عناء الرزق في السعي الحثيث لاجتذاب أكبر قدر ممكن من المارين والعجائز، وعرض ما يبسطون من شتَّى أنواع السمك، ليرغب فيها من يرغب، ويصرف بصره عنها من لا يرغب. كان مستلقياً على زاويته، متخشباً، لا تصدر عنه صادرة. فألمني شعورٌ مريب، وبقيتُ في مكاني لهنيهةٍ ناظراً إليه بعينين مرتابتين، ثم أوليتُ ظهري له قاصداً البيت؛ إذ لم يخطر ببالي أنه كان قد أسبل الجفن الأخير. [/align]
[align=center]- انتهت - [/align]
[align=justify]تتجاذبه عوامل القهر والجوع والكبر والحرمان، فيتراءى للناظر جعبةٌ من الحكايات والحكايات تكتنف عينيه الواهنتين تحت سياط السنين، وتعلو جبينه قسمات ملؤها التفاصيل التي سطرتْ مداد الأيام.
في الآونة الأخيرة، كان يشغلني أمره كثيرًا، وكنتُ أعاود المجيء بين الفينة والأخرى إلى الزاوية التي يتربع عليها عند زمرة القصَّابين وبائعي السمك. كانت تحضرني همسات أمي وهي تحثني على النأي عن زاويته، وأصرف بصري عنه كلما مررتُ من هناك. كانت ماتني توبخي إذا ما عثرتْ عليّ واقفاً إزاءه ممعناً النظر فيه. ما تزال همساتها حاضرة في ذهني وهي تضغط على مخارج كلماتها: "هذا مجنون".
لا أذكر متى حدث ذلك!! كان الوقت قد شارف الضحى، وآوى جميع من على الزاوية إلى منازلهم، بعد أن تكبَّدوا عناء الرزق في السعي الحثيث لاجتذاب أكبر قدر ممكن من المارين والعجائز، وعرض ما يبسطون من شتَّى أنواع السمك، ليرغب فيها من يرغب، ويصرف بصره عنها من لا يرغب. كان مستلقياً على زاويته، متخشباً، لا تصدر عنه صادرة. فألمني شعورٌ مريب، وبقيتُ في مكاني لهنيهةٍ ناظراً إليه بعينين مرتابتين، ثم أوليتُ ظهري له قاصداً البيت؛ إذ لم يخطر ببالي أنه كان قد أسبل الجفن الأخير. [/align]
[align=center]- انتهت - [/align]
تعليق